لقد أنشئت الجامعة الإسلامية العالمية بإحدى ضواحي مدينة كوالالمبور عاصمة ماليزيا للتيسير على الطلاب القادمين من شتى الأقطار الإسلامية الراغبين في دارسة العلوم والمواد التقنية على مستوى جامعي في إطار من القيم الإسلامية والتقاليد المرعية، خالية من الشوائب التي قد تتعارض مع الإدراكات الإسلامية من مفهوم الوجود الإلهي ووضع الإنسان في الكون وعلاقة الفرد بربه وأسرته وبكل ما يحيط به. نبتت فكرة هذه الجامعة بهذا المفهوم الإسلامي في ذهن السيد رئيس وزراء ماليزيا الدكتور محاضر محمد في أوائل عام 1402هـ (بداية عام 1982م) فقد راعه ما ينتاب الأعداد الهائلة من الشباب الإسلامي الذين يوفدون إلى الجامعات الأوربية والأمريكية لدراسة هذه المواد العلمية والتقنية، فيصابون بصدمات عنيفة نتيجة للعيش في بيئات تختلف عما عهدوه في بلادهم، ولا تأبه بما نُشَِّئوا عليه من مبادئ وقيم وتقاليد فتؤثر هذه الصدمات في نفوسهم وتعود بأسوأ العواقب عليهم وعلى أمتهم وبلادهم. فكر السيد رئيس الوزراء فآمن بأنه بإمكاننا نحن معشر المسلمين إنشاء مثل هذه المعاهد العليا للدراسات الفنية والتقنية في بلادنا، فلدى المسلمين إذا هم تضافروا دولياً وضموا شتات خبراتهم ما يكفي لإنشاء مثل هذه الجامعات العلمية، وازداد إيمانه بذلك إذ تصادف حينئذٍ أن قام بزيارة لأسبانيا، وشاهد هناك مآثر الإسلام الرائعة التي تنطق بما وصل إليه المسلمون في القرون الأولى، من مجد علمي وتقدم سبقوا به جميع الأمم، ومهدوا بابتكارهم وكشوفهم لميلاد الحضارة الغربية وتقدمها، ثم رأى أن لنا في هذا سنداً من كتاب الله الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومآثر السلف الصالح التي تحض على السعي في طلب العلم والاضطلاع بالبحوث الدراسية والعمل على كشف ما أودع الله في الطبيعة من أسرار لاستخدامها في صالح الإنسان وتقدم العمران، كما أن ذلك سوف يكون خير تطبيق لتوصيات المؤتمر التربوي الإسلامي الأول الذي عقد بمكة المكرمة منذ بضع سنوات. طَلَع السيد رئيس الوزراء على العالم بفكرة إنشاء الجامعة العالمية الإسلامية في التاريخ المذكور أعلاه، حين قام برحلة إلى بلاد الشرق الأوسط التقى فيها رؤساء هذه الدول وقادة الرأي فيها معلناً عن فكرته الإسلامية، كما أكد على الحاجة إلى تضافر الدول في هذا المشروع وعلى أن يكون مقر الجامعة في ماليزيا نظراً لأن منطقة جنوب شرق آسيا ـ حيث توجد ماليزيا ـ تتعرض لضغوط شديدة من التيارات الفكرية الهدامة التي تكتسح هذه المنطقة وتسعى لتقويض الإسلام ودعائمه بها. أما الإصرار على جعل هذه الجامعة دولية عالمية فإنه يعتمد على سببين هامين: الأول: هو الحاجة إلى تضافر الجهود لضمان نجاح المشروع، فالمسلمون في ماليزيا ـ نظراً لأسباب تاريخية وأوضاع فرضها عليهم الاستعمار الغاشم ـ في أمس الحاجة لتعاون إخوانهم من خارج حدودهم في النهوض بمثل هذا المشروع الإسلامي الجليل. الثاني: نشر العلم والمعرفة بين شباب المسلمين في داخل ماليزيا وخارجها في العالم الإسلامي. |
Tiada ulasan:
Catat Ulasan